الجمعة، 7 ماي 2010

مفهوم الوعي و اللاوعي


لئن تغايرت دلالات الوعي وتعددت فإنها ترتد إلى فاعلية خاصة بالإنسان وهي التفكير. والوعي كخاصية إنسانية هو تلك المعرفة التي تكون لكل شخص بصدد وجوده وأفعاله وأفكاره فأن يكون الشخص واعيا ويتصرف طبقا للمعرفة التي تحركه والعيش بوعي الوجود. وهذه الازدواجية هي التي تميز الإنسان " أشياء الطبيعة تكون مباشرة وبكيفية واحدة، في حين أن الإنسان ولكونه، كائنا ذا عقل له وجود مزدوج فهو يوجد على نفس شاكلة الأشياء الطبيعية، لكنه ، من جهة أخرى، يوجد من أجل ذاته، يتأمل ذاته، يتمثلها ويفكر فيها، وهو لا يكون فكرا وهو لا يكون فكرا سوى لأنه فاعلية تشكل وجود الأصل ذاته"



( هيجل الاستطيقا 1835)

إلا أن الإنسان وإن تميز بخاصية الوعي فهذا لا يعني أنه ذاتا واعية كلية وإذ يظهر في أحيان كثيرة أن الإنسان يكون محكوما من قبل فاعلية لا واعية تتمثل في دوافع غريزية من أصل جنسية أو عدوانية، وفي أفعال غير واعية ومن هنا يمكننا تحديد اللاوعي بنحو سلبي باعتباره أمرا لا واعي أي كعدم اللاوعي لكن يمكننا أيضا تحديد اللاوعي بنحو إيجابي أي باعتباره واقعا نفسيا يملك نوعا من الوظافة أو الفاعلية وسمات خاصة في هذه الحالة يحيل اللاوعي إلى اكتشاف سيجموند فرويد والذي ينتمي لحقل التحليل النفسي la psychanalyse ويمكن أن نلاحظ أن التحديد السلبي للاوعي أوسع حيث يستعلم لفظ اللاوعي في صورة صفة أو حالة.

مثلما أن اللاوعي هو موضوع لتحديد العلم السيكولوجي إن الوعي بدوره يظهر من الناحية السيكولوجية مثل النور ( فنقول أن أفكارنا هي أقل أو أكثر وضوحا بحسب درجة الوعي الذي لدينا ومثل الفعل كالتوتر والانتباه فالوعي يعتبضي في الواقع مجهود انتباه وإيضاح وهو يتطور مع الذاكرة والعودة إلى الذات.

نتيجة لتضارب وتنازع هذه الدلالات حول مفهوم الوعي، والتي تتراوح أساسا بين المرجعية الفلسفية والعلمية إذن فكيف يمكن تحديد مفهوم الوعي وإذا كان الإنسان ذاتا واعية وتخترقه في الوقت نفسه دوافع لا واعية. ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي؟ وأيهما يتحكم في الذات؟

وإذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات، ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا فيتم تزييف وتشويه الواقع والحقائق؟

I ) الوعي والإدراك:

1) المقترب العلمي للوعي تصور شونجو

هدف المحور: أن نتعرف عن مفهوم الوعي وعلاقته بالإدراك والشعور والذاكرة.

سؤاله الإشكالي: هل يمكن تحديد مفهوم الوعي؟

تحليل النص: ص 14 ل ج.ب.شونجو/1936 ....)

صاحب النص: عالم بيولوجيا فرنسي من مؤلفاته " العقل واللذة والأسس الطبيعية للأخلاق.

إشكال النص: كيف يمكن تحديد الوعي؟ وبأي معنى يعد نشاطا عصبيا فزيولوجيا؟ كيف تتأسس المقاربة العلمية للوعي؟

أطروحته:

الوعي نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، وأنه يرتد إلى الطابع المادي للصور العقلية.

حجاجة:

ينتقد الفلاسفة واللا هويتين ليعتبر أن البحث في الوعي هو من اختصاص العلم ومن تم تكون الحاجة إلى التخلص من الخطابات الأدبية.

باعتباره عالم بيولوجيا، يقدم لتحديده الوعي من حيث هو نشاط عصبي عقلي مشروط بالبنية الفزيولوجية ( الاستثناء على سلطة علمية بالنسبة لي)

يقدم استشهاد للبيولوجي الفرنسي جاك مونو (10-1976 ) ليبين أن العقل البشري هو نشاط تمثلي لموضوعات خارجية.

ليستند على وقائع علمية نفسية وفيزيائية لتؤكد على الطابع المادي الفيزيولوجي للصور العقلية ومن ثم الوعي باعتباره نشاطا مشروطا للعمل الدينامي لخلايا الدماغ والسيالات العصبية.

استنتاج:

يتحدد الوعي في المقاربة العلمية بكونه نشاطا عقليا يرتد إلى النشاط العصبي للخلايا الدماغية. فسواء كان هذا النشاط العقلي تفكيرا أو انفعالا أو شعورا أو وعيا بالذات فهو في آخر المطاف نشاط عصبي مشروط فيزيولوجي وهذا ما يتأكد من خلال الوظيفة التمثلية) للعقل في علاقته مع الأشياء الخارجية. كما يتأكد أيضا من خلال الطابع المادي للصور العقلية من منطلق أن هذه بمثابة نتائج أو مفعولات للعمل الدينامي المتعلق بالخلايا والسيالات العصبية.

إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا التحديد العلمي هو عدم تمييزه بين الإدراك الحسي الذي يكون مرتبطا بمقولتي المؤثر والاستجابة، بمعنى أنه يظهر في شكل ردود وأفعال أو انفعالات مباشرة وبين الوعي باعتباره نشاطا منعكسا يتمثل في تلك المعرفة التي تتحصل لدى الإنسان بصدد أفعاله وأحاسيسه مما يعني أن هذه الأفعال والأحاسيس ليست مجرد إدراكات حسية مباشرة . فكيف يتحدد إذن الوعي المنعكس؟

2) المقترب الفلسفي للوعي " تصور ديكارت"

نص 1: يقول ديكارت

بقدر ما أننا نميز بين الرؤية المباشرة والرؤية المنعكسة بأن تلك الأولي تتوقف علي الأشعة وتتوقف هذه علي الثانية بقدر ما أن الأفكار البسيطة والأولى ( الذين يشعرون بالألم لأن الريح نفخ أمعاءهم أو يشعرون باللذة لأنهم تغذو بمزاج لائق) يمكنها أن تسمى أفكارا مباشرة وغير منعكسة ، لكن عندما يشعر الرائد بشيء ما، ويدرك في الوقت نفسه بأنه لم يشعر فقط بالشيء ذاته فإنني أسمي هذا الإدراك الثاني انعكاسا. رسالة 1648 amauld (2)29 juillet 1648

نص 2:

نجد أن الفكر محمول يرتبط ب وهو الوحيد الذي لا يمكنه أن ينفصل عن أناي. أنا كائن، وأنا موجود. هذا أمر يقيني، لكن كم من الوقت؟ بقدر ما أنا أفكر.

ديكارت، تأملات ميتافيزيقية

نص 3:

أعني بالفكر كل ما يختلج فينا بحيث نكون واعين به، وحيث نكون به وعي.

مبادئ الفلسفة:

نستطيع أن نميز لدى ديكارت بين الفكر أو الوعي المباشر وبين الفكر أو الوعي المنعكس وذلك على غرار مثل تمييزنا بين الشعاع الساطع مباشرة وذلك الذي يكون منعكسا على مرآة ويرتد إلى نقطة انطلاقه.

يكون الوعي مباشر إذا كان وببساطة، وعيا بشيء ما ويكون وعيا منعكسا إذا كان يحيل في الوقت نفسه إلى أنا مفكر كالتي يتحسر لديها الوعي بذاتها. وبالفعل فالوعي المنعكس يتضمن عملية اعتراف أو تعرف ( يتعرف الوعي على ذاته أو يحصل للذات الاعتراف بذاتها من حيث هي ذات واعية أو مفكرة) ويمكن لنا القول على وجه الخصوص بأنه وعي منعكس بما أنه لا يتحدد فقط بالفعل المباشر الذي يكون للماضي في الحاضر، بل بعودة الوعي الذي يتعرف في انطباع الحاضر على ذكرى انطباع الماضي. والحال أن الوعي المباشر لا يكون واعيا سوى بموضوعه الحاضر، إنه وعي لحظي، فيما يكون الوعي المنعكس أو الوعي الذاتي هو الوحيد الذي يكون واعيا بالاستمرارية النفسية.

لقد اكتشفت الديكارتية في ( الأنا أفكر) أو الذات المفكرة المبدأ الأول للميتافيزقا باعتباره أساسا كل يقين والحال، أن العودة إلى الذات أو الانعكاس هذا الذي بواسطته أفكر أنني أفكر هو الذي يسمى وعيا. فالفكر هو الشرط الضروري والكافي لمعرفة وجود الآنة الواعية، إنه يشكل طبيعة الذات من حيث هي ذات واعية وبهذا العنى يتماهى عند ديكارت- الفكر والوعي إن لم يكن الفكر هو عين الوعي.

وبذلك فالوعي يغدو خاصة إنسانية فهو صفة تخص الذات هذه التي تثبت كينونتها بالفكر وحده وبمعزل عن الحس والخيال أو أي موجود حسي آخر. وبرغم ارتباط الفكر أو الوعي بالزمان بحيث إن الانقطاع من التفكير هو انقطاع عن الوجود فإن ذلك لا يعني ارتباطه بالتاريخ وإذا كان الوعي غير متوقع عن التاريخ فإن هذا يفضي إلى تحديد جوهري ما هوي بمفهوم الوعي،/ حيث يكون الوعي جوهرا قائما بذاته وهذا يسقط في نوع من الآنا الأحاذية solipsisme والانغلاق أو العزلة الجذرية

هذا التحديد الجوهري للوعي سيؤدي إلى ظهور انتقادات تحاول إخراجه من الانعلاق وفتحه على العالم من أمر هذه الانتقادات ما ننفيه لدى هوسرل الذي يسعتبر كل " أنا أفكر" وكل حالة من حالات الوعي إنما تقصد شيئا ما، ويتضمن الوعي للقصدية باعتبارها علاقة فاعلة للفكر مع أي موضوع كان، فإن السمة العامة التي تصبح للوعي هو أن كل وعي إنما هو عي بشيء ما وأنه ذو طابع مزدوج نثبت من خلاله الذات والعالم، والأمر الذي سيخلصه من انغلاقه وعقمه يفتحه على الموجودات والتاريخ وبما في ذلك الجسد وما يخترقه من اندفاعات ورغبات قد تكون لا واعية

II ) في علاقة الوعي واللاوعي:

هدف المحور: أن نتعرف من طبيعة العلاقة بين الوعي واللاوعي ومفعول كل منهما ومن تم أيهما يتحكم في الذات.

السؤال الإشكالي: ما العلاقة بين الوعي واللاوعي وأيهما يتحكم في الذات؟

1) المنظور العلمي السيكولوجي:

تحليل النص: ص 18 لسيجموند فرويد (frend) (1939-1856)

صاحب النص: طبيب نفساني من مؤلفاته مدخل إلى التحليل النفسي.

إشكاله: ما علاقة الوعي باللاوعي ؟ وكيف نفسر تحكم الله وعي باللاوعي في الحياة النفسية للذات؟

أطروحته: اللاشعور هو أساس الحياة النفسية وواقعها الحقيقي.

حجاجة: يحذر من المبالغة في أهمية الشعور أو الوعي، ليفترض أن اللاوعي هو الواقع النفسي الحقيقي وأن الوعي مجرد جزء منه.

إبرازه لمفعول اللاشعور الذي ينكشف بمقنع في الحلم، هذا الذي يعد انعكاسا رمزيا للتخيلات اللاشعورية المرتبطة بالاندفعاعات الجنسية.

- كشفه للوجه المضلل للنشاط الشعوري الذي من شأنه يحجب كل نشاط سواه وبالأخص النشاط اللاشعوري.

استنتاج:

انطلاقا من نظريته في التحليل النفسي يرى فرويد أن اللاشعور هو الأساس الحقيقي للحياة النفسية ومن تم فهو يدعو إلى عدم المبالغة في تقدير أهمية الشعور الذي لن يعدو عن كونه جزءا ضيقا من اللاشعور . وحتى يؤكد فرويد الوجود النفسي اللاشعوري، فهو يعتبر الحلم علامة على تلك الاندفاعات الغريزية ذات الطابع الجنسي وعلى كل الأفكار أو الأشياء التي تركبتها لعدم تلاؤمها مع مبدأ الواقع، وبذلك فإن الحلم بمثابة الطريق الملكي اللاشعور والذي يسمح بتحقق رمزي تخيلي لبعض مكونات هذا الجانب النفسي اللاشعوري طالما أن الشعور لا يسمح بتحققها مباشرة.

وبتأكيد فرويد على أن المحدد: الرئيس الشخصية هو اللاشعور فإن هذا يدفعها إلى التساؤل عما تبقى للذات باعتبارها واعية ومفكرة ومديرة وحرة.

2) المنظور الفلسفي:( استتما نص ص 19 alain )

مقابل الأطروحة الفرويدية التي تؤكد على حتمية المحددات اللاشعورية وأهميتها القصوى في الحياة النفسية بلور Alain أطروحة مضادة تعتبر أن ما يعتمل ( يختلج في أنفسنا) في ذواتنا من أفكار وتصورات غنما يرتد ( يرجع) إلى الذات الفاعلة والواعية ومن تم رفض هذا الكيان السيكولوجي ( النفساني) الغريب الذي أبعد عنه النظرية الفرويدية.

هكذا يعتبر Alain أنه إذا كان افنسان غامضا وتخترقه ظواهر ملتبسة فإن هذا ما يتعين معرفته والبحث فيه بدلا من زعم افتراضات خاطئة المؤسسة على مفهوم اللاشعور . وخاصة حينما يتحول هذا اللاشعور إلى أنا آخر غريب يسكننا على نحو غريب ليتأكد لدى Alainأن الإنسان لا يفتأ يمارس ذاته الفاعلة والحرة والمريدة.

ومهما تبدت أهمية الوعي وفاعليته لا يمكن له أن يعمل على تزييف وتشويه حقيقة الواقع بدل تقديمه كما هو بمعنى آخر لا يمكن أن يصبح هذا لاوعي بفعل الإيديولوجيا والفهم وعيا زائفا ومشوها؟

III ) الوعي والإيديولوجيا والمعنى:

هدف المحور: أن نتبين علاقة الوعي بالإيديولوجيا وأهميته بالنسبة لإنتاج المعنى.

سؤاله الإشكالي: إذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا؟ وكيف يكون مؤسسا للمعنى.

إشكال النص:

ما هي الإيديولوجيا: وماوظائفها ؟ ويكف تكون وعيا زائفا يشوه الواقع؟

أطروحة نص ص 22 : الإيديولوجية عملية فكرية عامة تعمل بواسطتها التمثلات الخيالية على تزييف وتشويه الواقع.

العناصر الحجاجية: - يقدم تعريفا للإيديولوجيا باعتبارها عملية فكرية عامة تعمل من خلال تمثلات خيالية على القلب. الواقع المماثل إياها بالعلبة السوداءؤ في التصوير الفوتوغرافي على غرار استعارة ماركس.

- إبرازه للإيديولوجيا كظاهرة تجويفية وتزيينية، بل أنهما تقوم أكثر من ذلك بوظيفة تبريرية مرتبطة بالسلطة والسيطرة.

- تبيانه لوظيفة أخرى أهم وأعمق من الوظيفتين السابقتين وهي وظيفة الإدماج التي تعمل بواسطتها جماعة بشرية على نقل وتخليد وعناصرها الثقافية والاجتماعية إلى أفرادها قصد تشكيل الهوية الجماعية.

استنتاج:

نستفيد من هذا النص الكيفية التي تتحول بواسطتها الإيديولوجية إلى وعي زائف يقلب الواقع ويشوه الحقائق ، فسواء تعلق الأمر بوطيفة التشويه أو القلب أو وظيفة التبرير أو الإدماج فإن الوعي هنا خاضعا لمفعول الإيديولوجيا من حيث نسق من التمثلات والاعتقادات الخاصة بالمجتمع أو طبقة اجتماعية والتي لا تعكس الواقع الحقيقي.

لئن اتضح مع التحليل النفسي أن الوعي لا يصور سوى مكانة متواضعة ضمن الحالات النفسية كما من شأنه أن يتحول إلى وعي زائف يشوه الواقع ويقلب الحقائق نظرا لمفهوم الوهم والإيديولوجيا، فهل لا زال للوعي إذن أهمية ودور في الوجود البشري؟ مهما يعتور مفهوم الوعي من تشويه أو تزييف بسبب مفعولات الوهم والإيديولوجيا فإن ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إليه ذلك لأن حالة الوعي وإن كانت تعكس الوجود من خلال عبارة " أنا موجود" فإن هذه العبارة لا معنى لها من العبارة العلمية من منطلق أنها لا تفيد علاقة تابثة ومتلازمة بين شيئين أو ظاهرتين بيد أن الوعي المرتبط بهذه العبارة هو وعي قبلي صادق لكل تجربة وتكمن أهميته القصوى في أنه يؤسس لكل معنى سواء كان معنى معرفيا أو أخلاقيا أو وجوديا، وليصير من تمة شرط الوجود البشري ذاته والحامل لمعناه.

استنتاج عام:

إذا كان التحديد العلمي للوعي ينحصر في البعد الفيزيولوجي الذي يغدو معه الوعي مجرد نشاط عقلي متعلق بالوظائف العصبية للدماغ فإن البعد الإشكالي لهذا المفهوم لن يتبدى ( يظهر) سوى مع المقاربة الفلسفية حيث يصير الوعي مؤسسا للوجود البشري ذاته فهو جوهر الإنسان وقوام علاقته مع العالم. وبالرغم مما يتعلق بهذا الوعي من محدودية (finitude) تظهر تارة في إبراز الثقل السيكولوجي للا وعي، وبإبراز التحريف أو التزييف الذي يلحقه تحت مقعول الإيديولوجيا تارة أخرى فإن ذاتية الإنسان كذات فاعلة من شأنها أن تنفلت من كل احتواء وأن تتجاوز كل محدودية طالما أنه بالوعي ذاته يتحصل الوعي بشروط إمكان هذه الذات وفاعليتها.

المفاهيم:

اللاموتthéologie

من الأصل الاستقاقي الإغريقي (theas) وتعني إلاه وlogos وتعني خطاب ومن الناحية الميتافيزيقية فالتيولوجيا تعني الخطاب الذي يعالج وجود وصيفات الله بالاعتماد فقط على العقل. أما بالنسبة للأديان التوحيدية فاللاموت نسق من المعتقدات الإيمانية المنزلة عبر الوحي.

الأنا الأحاذية: هي موقف أو مذهب من ينفصل عن العالم ويرد كل حقيقة أو واقع إلى الأنا الفردية

الطوطم: هو تقدسي لحيوان باعتبارجد لقبيلة ما.

الإيديولوجيا: هي مجموعة أو نسق من الاعتقادات أو التمثلات ( صور وأساطير وأفكار وتصورات) الخاصة بمجتمع أو طبقة اجتماعية معينة. والإيديولوجيا في الماركسية هي مجموعة التمثلات الجماعية. ( الأخلاقية والفلسفية والدينية...) التي يترجم بواسطتها الناس من شروطهم الواقعية للوجود.

أكسيولوجي: علم القيم

أنظولوجي: علم الوجود

أبسيتمولوجي: دراسة نفدية للمعرفة العلمية.


Read more...

لئن تغايرت دلالات الوعي وتعددت فإنها ترتد إلى فاعلية خاصة بالإنسان وهي التفكير. والوعي كخاصية إنسانية هو تلك المعرفة التي تكون لكل شخص بصدد وجوده وأفعاله وأفكاره فأن يكون الشخص واعيا ويتصرف طبقا للمعرفة التي تحركه والعيش بوعي الوجود. وهذه الازدواجية هي التي تميز الإنسان " أشياء الطبيعة تكون مباشرة وبكيفية واحدة، في حين أن الإنسان ولكونه، كائنا ذا عقل له وجود مزدوج فهو يوجد على نفس شاكلة الأشياء الطبيعية، لكنه ، من جهة أخرى، يوجد من أجل ذاته، يتأمل ذاته، يتمثلها ويفكر فيها، وهو لا يكون فكرا وهو لا يكون فكرا سوى لأنه فاعلية تشكل وجود الأصل ذاته"



( هيجل الاستطيقا 1835)

إلا أن الإنسان وإن تميز بخاصية الوعي فهذا لا يعني أنه ذاتا واعية كلية وإذ يظهر في أحيان كثيرة أن الإنسان يكون محكوما من قبل فاعلية لا واعية تتمثل في دوافع غريزية من أصل جنسية أو عدوانية، وفي أفعال غير واعية ومن هنا يمكننا تحديد اللاوعي بنحو سلبي باعتباره أمرا لا واعي أي كعدم اللاوعي لكن يمكننا أيضا تحديد اللاوعي بنحو إيجابي أي باعتباره واقعا نفسيا يملك نوعا من الوظافة أو الفاعلية وسمات خاصة في هذه الحالة يحيل اللاوعي إلى اكتشاف سيجموند فرويد والذي ينتمي لحقل التحليل النفسي la psychanalyse ويمكن أن نلاحظ أن التحديد السلبي للاوعي أوسع حيث يستعلم لفظ اللاوعي في صورة صفة أو حالة.

مثلما أن اللاوعي هو موضوع لتحديد العلم السيكولوجي إن الوعي بدوره يظهر من الناحية السيكولوجية مثل النور ( فنقول أن أفكارنا هي أقل أو أكثر وضوحا بحسب درجة الوعي الذي لدينا ومثل الفعل كالتوتر والانتباه فالوعي يعتبضي في الواقع مجهود انتباه وإيضاح وهو يتطور مع الذاكرة والعودة إلى الذات.

نتيجة لتضارب وتنازع هذه الدلالات حول مفهوم الوعي، والتي تتراوح أساسا بين المرجعية الفلسفية والعلمية إذن فكيف يمكن تحديد مفهوم الوعي وإذا كان الإنسان ذاتا واعية وتخترقه في الوقت نفسه دوافع لا واعية. ما هي العلاقة بين الوعي واللاوعي؟ وأيهما يتحكم في الذات؟

وإذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات، ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا فيتم تزييف وتشويه الواقع والحقائق؟

I ) الوعي والإدراك:

1) المقترب العلمي للوعي تصور شونجو

هدف المحور: أن نتعرف عن مفهوم الوعي وعلاقته بالإدراك والشعور والذاكرة.

سؤاله الإشكالي: هل يمكن تحديد مفهوم الوعي؟

تحليل النص: ص 14 ل ج.ب.شونجو/1936 ....)

صاحب النص: عالم بيولوجيا فرنسي من مؤلفاته " العقل واللذة والأسس الطبيعية للأخلاق.

إشكال النص: كيف يمكن تحديد الوعي؟ وبأي معنى يعد نشاطا عصبيا فزيولوجيا؟ كيف تتأسس المقاربة العلمية للوعي؟

أطروحته:

الوعي نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا، وأنه يرتد إلى الطابع المادي للصور العقلية.

حجاجة:

ينتقد الفلاسفة واللا هويتين ليعتبر أن البحث في الوعي هو من اختصاص العلم ومن تم تكون الحاجة إلى التخلص من الخطابات الأدبية.

باعتباره عالم بيولوجيا، يقدم لتحديده الوعي من حيث هو نشاط عصبي عقلي مشروط بالبنية الفزيولوجية ( الاستثناء على سلطة علمية بالنسبة لي)

يقدم استشهاد للبيولوجي الفرنسي جاك مونو (10-1976 ) ليبين أن العقل البشري هو نشاط تمثلي لموضوعات خارجية.

ليستند على وقائع علمية نفسية وفيزيائية لتؤكد على الطابع المادي الفيزيولوجي للصور العقلية ومن ثم الوعي باعتباره نشاطا مشروطا للعمل الدينامي لخلايا الدماغ والسيالات العصبية.

استنتاج:

يتحدد الوعي في المقاربة العلمية بكونه نشاطا عقليا يرتد إلى النشاط العصبي للخلايا الدماغية. فسواء كان هذا النشاط العقلي تفكيرا أو انفعالا أو شعورا أو وعيا بالذات فهو في آخر المطاف نشاط عصبي مشروط فيزيولوجي وهذا ما يتأكد من خلال الوظيفة التمثلية) للعقل في علاقته مع الأشياء الخارجية. كما يتأكد أيضا من خلال الطابع المادي للصور العقلية من منطلق أن هذه بمثابة نتائج أو مفعولات للعمل الدينامي المتعلق بالخلايا والسيالات العصبية.

إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا التحديد العلمي هو عدم تمييزه بين الإدراك الحسي الذي يكون مرتبطا بمقولتي المؤثر والاستجابة، بمعنى أنه يظهر في شكل ردود وأفعال أو انفعالات مباشرة وبين الوعي باعتباره نشاطا منعكسا يتمثل في تلك المعرفة التي تتحصل لدى الإنسان بصدد أفعاله وأحاسيسه مما يعني أن هذه الأفعال والأحاسيس ليست مجرد إدراكات حسية مباشرة . فكيف يتحدد إذن الوعي المنعكس؟

2) المقترب الفلسفي للوعي " تصور ديكارت"

نص 1: يقول ديكارت

بقدر ما أننا نميز بين الرؤية المباشرة والرؤية المنعكسة بأن تلك الأولي تتوقف علي الأشعة وتتوقف هذه علي الثانية بقدر ما أن الأفكار البسيطة والأولى ( الذين يشعرون بالألم لأن الريح نفخ أمعاءهم أو يشعرون باللذة لأنهم تغذو بمزاج لائق) يمكنها أن تسمى أفكارا مباشرة وغير منعكسة ، لكن عندما يشعر الرائد بشيء ما، ويدرك في الوقت نفسه بأنه لم يشعر فقط بالشيء ذاته فإنني أسمي هذا الإدراك الثاني انعكاسا. رسالة 1648 amauld (2)29 juillet 1648

نص 2:

نجد أن الفكر محمول يرتبط ب وهو الوحيد الذي لا يمكنه أن ينفصل عن أناي. أنا كائن، وأنا موجود. هذا أمر يقيني، لكن كم من الوقت؟ بقدر ما أنا أفكر.

ديكارت، تأملات ميتافيزيقية

نص 3:

أعني بالفكر كل ما يختلج فينا بحيث نكون واعين به، وحيث نكون به وعي.

مبادئ الفلسفة:

نستطيع أن نميز لدى ديكارت بين الفكر أو الوعي المباشر وبين الفكر أو الوعي المنعكس وذلك على غرار مثل تمييزنا بين الشعاع الساطع مباشرة وذلك الذي يكون منعكسا على مرآة ويرتد إلى نقطة انطلاقه.

يكون الوعي مباشر إذا كان وببساطة، وعيا بشيء ما ويكون وعيا منعكسا إذا كان يحيل في الوقت نفسه إلى أنا مفكر كالتي يتحسر لديها الوعي بذاتها. وبالفعل فالوعي المنعكس يتضمن عملية اعتراف أو تعرف ( يتعرف الوعي على ذاته أو يحصل للذات الاعتراف بذاتها من حيث هي ذات واعية أو مفكرة) ويمكن لنا القول على وجه الخصوص بأنه وعي منعكس بما أنه لا يتحدد فقط بالفعل المباشر الذي يكون للماضي في الحاضر، بل بعودة الوعي الذي يتعرف في انطباع الحاضر على ذكرى انطباع الماضي. والحال أن الوعي المباشر لا يكون واعيا سوى بموضوعه الحاضر، إنه وعي لحظي، فيما يكون الوعي المنعكس أو الوعي الذاتي هو الوحيد الذي يكون واعيا بالاستمرارية النفسية.

لقد اكتشفت الديكارتية في ( الأنا أفكر) أو الذات المفكرة المبدأ الأول للميتافيزقا باعتباره أساسا كل يقين والحال، أن العودة إلى الذات أو الانعكاس هذا الذي بواسطته أفكر أنني أفكر هو الذي يسمى وعيا. فالفكر هو الشرط الضروري والكافي لمعرفة وجود الآنة الواعية، إنه يشكل طبيعة الذات من حيث هي ذات واعية وبهذا العنى يتماهى عند ديكارت- الفكر والوعي إن لم يكن الفكر هو عين الوعي.

وبذلك فالوعي يغدو خاصة إنسانية فهو صفة تخص الذات هذه التي تثبت كينونتها بالفكر وحده وبمعزل عن الحس والخيال أو أي موجود حسي آخر. وبرغم ارتباط الفكر أو الوعي بالزمان بحيث إن الانقطاع من التفكير هو انقطاع عن الوجود فإن ذلك لا يعني ارتباطه بالتاريخ وإذا كان الوعي غير متوقع عن التاريخ فإن هذا يفضي إلى تحديد جوهري ما هوي بمفهوم الوعي،/ حيث يكون الوعي جوهرا قائما بذاته وهذا يسقط في نوع من الآنا الأحاذية solipsisme والانغلاق أو العزلة الجذرية

هذا التحديد الجوهري للوعي سيؤدي إلى ظهور انتقادات تحاول إخراجه من الانعلاق وفتحه على العالم من أمر هذه الانتقادات ما ننفيه لدى هوسرل الذي يسعتبر كل " أنا أفكر" وكل حالة من حالات الوعي إنما تقصد شيئا ما، ويتضمن الوعي للقصدية باعتبارها علاقة فاعلة للفكر مع أي موضوع كان، فإن السمة العامة التي تصبح للوعي هو أن كل وعي إنما هو عي بشيء ما وأنه ذو طابع مزدوج نثبت من خلاله الذات والعالم، والأمر الذي سيخلصه من انغلاقه وعقمه يفتحه على الموجودات والتاريخ وبما في ذلك الجسد وما يخترقه من اندفاعات ورغبات قد تكون لا واعية

II ) في علاقة الوعي واللاوعي:

هدف المحور: أن نتعرف من طبيعة العلاقة بين الوعي واللاوعي ومفعول كل منهما ومن تم أيهما يتحكم في الذات.

السؤال الإشكالي: ما العلاقة بين الوعي واللاوعي وأيهما يتحكم في الذات؟

1) المنظور العلمي السيكولوجي:

تحليل النص: ص 18 لسيجموند فرويد (frend) (1939-1856)

صاحب النص: طبيب نفساني من مؤلفاته مدخل إلى التحليل النفسي.

إشكاله: ما علاقة الوعي باللاوعي ؟ وكيف نفسر تحكم الله وعي باللاوعي في الحياة النفسية للذات؟

أطروحته: اللاشعور هو أساس الحياة النفسية وواقعها الحقيقي.

حجاجة: يحذر من المبالغة في أهمية الشعور أو الوعي، ليفترض أن اللاوعي هو الواقع النفسي الحقيقي وأن الوعي مجرد جزء منه.

إبرازه لمفعول اللاشعور الذي ينكشف بمقنع في الحلم، هذا الذي يعد انعكاسا رمزيا للتخيلات اللاشعورية المرتبطة بالاندفعاعات الجنسية.

- كشفه للوجه المضلل للنشاط الشعوري الذي من شأنه يحجب كل نشاط سواه وبالأخص النشاط اللاشعوري.

استنتاج:

انطلاقا من نظريته في التحليل النفسي يرى فرويد أن اللاشعور هو الأساس الحقيقي للحياة النفسية ومن تم فهو يدعو إلى عدم المبالغة في تقدير أهمية الشعور الذي لن يعدو عن كونه جزءا ضيقا من اللاشعور . وحتى يؤكد فرويد الوجود النفسي اللاشعوري، فهو يعتبر الحلم علامة على تلك الاندفاعات الغريزية ذات الطابع الجنسي وعلى كل الأفكار أو الأشياء التي تركبتها لعدم تلاؤمها مع مبدأ الواقع، وبذلك فإن الحلم بمثابة الطريق الملكي اللاشعور والذي يسمح بتحقق رمزي تخيلي لبعض مكونات هذا الجانب النفسي اللاشعوري طالما أن الشعور لا يسمح بتحققها مباشرة.

وبتأكيد فرويد على أن المحدد: الرئيس الشخصية هو اللاشعور فإن هذا يدفعها إلى التساؤل عما تبقى للذات باعتبارها واعية ومفكرة ومديرة وحرة.

2) المنظور الفلسفي:( استتما نص ص 19 alain )

مقابل الأطروحة الفرويدية التي تؤكد على حتمية المحددات اللاشعورية وأهميتها القصوى في الحياة النفسية بلور Alain أطروحة مضادة تعتبر أن ما يعتمل ( يختلج في أنفسنا) في ذواتنا من أفكار وتصورات غنما يرتد ( يرجع) إلى الذات الفاعلة والواعية ومن تم رفض هذا الكيان السيكولوجي ( النفساني) الغريب الذي أبعد عنه النظرية الفرويدية.

هكذا يعتبر Alain أنه إذا كان افنسان غامضا وتخترقه ظواهر ملتبسة فإن هذا ما يتعين معرفته والبحث فيه بدلا من زعم افتراضات خاطئة المؤسسة على مفهوم اللاشعور . وخاصة حينما يتحول هذا اللاشعور إلى أنا آخر غريب يسكننا على نحو غريب ليتأكد لدى Alainأن الإنسان لا يفتأ يمارس ذاته الفاعلة والحرة والمريدة.

ومهما تبدت أهمية الوعي وفاعليته لا يمكن له أن يعمل على تزييف وتشويه حقيقة الواقع بدل تقديمه كما هو بمعنى آخر لا يمكن أن يصبح هذا لاوعي بفعل الإيديولوجيا والفهم وعيا زائفا ومشوها؟

III ) الوعي والإيديولوجيا والمعنى:

هدف المحور: أن نتبين علاقة الوعي بالإيديولوجيا وأهميته بالنسبة لإنتاج المعنى.

سؤاله الإشكالي: إذا كانت وظيفة الوعي هي تقديم صورة حقيقية عن الواقع والذات ألا يمكن أن يصير خاضعا لمفعولات الوهم والإيديولوجيا؟ وكيف يكون مؤسسا للمعنى.

إشكال النص:

ما هي الإيديولوجيا: وماوظائفها ؟ ويكف تكون وعيا زائفا يشوه الواقع؟

أطروحة نص ص 22 : الإيديولوجية عملية فكرية عامة تعمل بواسطتها التمثلات الخيالية على تزييف وتشويه الواقع.

العناصر الحجاجية: - يقدم تعريفا للإيديولوجيا باعتبارها عملية فكرية عامة تعمل من خلال تمثلات خيالية على القلب. الواقع المماثل إياها بالعلبة السوداءؤ في التصوير الفوتوغرافي على غرار استعارة ماركس.

- إبرازه للإيديولوجيا كظاهرة تجويفية وتزيينية، بل أنهما تقوم أكثر من ذلك بوظيفة تبريرية مرتبطة بالسلطة والسيطرة.

- تبيانه لوظيفة أخرى أهم وأعمق من الوظيفتين السابقتين وهي وظيفة الإدماج التي تعمل بواسطتها جماعة بشرية على نقل وتخليد وعناصرها الثقافية والاجتماعية إلى أفرادها قصد تشكيل الهوية الجماعية.

استنتاج:

نستفيد من هذا النص الكيفية التي تتحول بواسطتها الإيديولوجية إلى وعي زائف يقلب الواقع ويشوه الحقائق ، فسواء تعلق الأمر بوطيفة التشويه أو القلب أو وظيفة التبرير أو الإدماج فإن الوعي هنا خاضعا لمفعول الإيديولوجيا من حيث نسق من التمثلات والاعتقادات الخاصة بالمجتمع أو طبقة اجتماعية والتي لا تعكس الواقع الحقيقي.

لئن اتضح مع التحليل النفسي أن الوعي لا يصور سوى مكانة متواضعة ضمن الحالات النفسية كما من شأنه أن يتحول إلى وعي زائف يشوه الواقع ويقلب الحقائق نظرا لمفهوم الوهم والإيديولوجيا، فهل لا زال للوعي إذن أهمية ودور في الوجود البشري؟ مهما يعتور مفهوم الوعي من تشويه أو تزييف بسبب مفعولات الوهم والإيديولوجيا فإن ذلك لا يعني انتفاء الحاجة إليه ذلك لأن حالة الوعي وإن كانت تعكس الوجود من خلال عبارة " أنا موجود" فإن هذه العبارة لا معنى لها من العبارة العلمية من منطلق أنها لا تفيد علاقة تابثة ومتلازمة بين شيئين أو ظاهرتين بيد أن الوعي المرتبط بهذه العبارة هو وعي قبلي صادق لكل تجربة وتكمن أهميته القصوى في أنه يؤسس لكل معنى سواء كان معنى معرفيا أو أخلاقيا أو وجوديا، وليصير من تمة شرط الوجود البشري ذاته والحامل لمعناه.

استنتاج عام:

إذا كان التحديد العلمي للوعي ينحصر في البعد الفيزيولوجي الذي يغدو معه الوعي مجرد نشاط عقلي متعلق بالوظائف العصبية للدماغ فإن البعد الإشكالي لهذا المفهوم لن يتبدى ( يظهر) سوى مع المقاربة الفلسفية حيث يصير الوعي مؤسسا للوجود البشري ذاته فهو جوهر الإنسان وقوام علاقته مع العالم. وبالرغم مما يتعلق بهذا الوعي من محدودية (finitude) تظهر تارة في إبراز الثقل السيكولوجي للا وعي، وبإبراز التحريف أو التزييف الذي يلحقه تحت مقعول الإيديولوجيا تارة أخرى فإن ذاتية الإنسان كذات فاعلة من شأنها أن تنفلت من كل احتواء وأن تتجاوز كل محدودية طالما أنه بالوعي ذاته يتحصل الوعي بشروط إمكان هذه الذات وفاعليتها.

المفاهيم:

اللاموتthéologie

من الأصل الاستقاقي الإغريقي (theas) وتعني إلاه وlogos وتعني خطاب ومن الناحية الميتافيزيقية فالتيولوجيا تعني الخطاب الذي يعالج وجود وصيفات الله بالاعتماد فقط على العقل. أما بالنسبة للأديان التوحيدية فاللاموت نسق من المعتقدات الإيمانية المنزلة عبر الوحي.

الأنا الأحاذية: هي موقف أو مذهب من ينفصل عن العالم ويرد كل حقيقة أو واقع إلى الأنا الفردية

الطوطم: هو تقدسي لحيوان باعتبارجد لقبيلة ما.

الإيديولوجيا: هي مجموعة أو نسق من الاعتقادات أو التمثلات ( صور وأساطير وأفكار وتصورات) الخاصة بمجتمع أو طبقة اجتماعية معينة. والإيديولوجيا في الماركسية هي مجموعة التمثلات الجماعية. ( الأخلاقية والفلسفية والدينية...) التي يترجم بواسطتها الناس من شروطهم الواقعية للوجود.

أكسيولوجي: علم القيم

أنظولوجي: علم الوجود

أبسيتمولوجي: دراسة نفدية للمعرفة العلمية.

مفهوم التبادل


تقديم:

يتلخص مبدأ التبادل إعطاء شيء مقابل شيء آخر قد يكون مكافئا أو غير مكافئ له، فهو إذن عطاء وأخذ أو أخذ وعطاء، وليس هناك تبادل بالعطاء فقط أو بالأخذ فقط، فالسرقة والسلب ليسا تبادلاً فهما أخذ فقط، وكذلك التبرع والتصدق وتقديم المساعدة ... وينطبق الأمر كذلك على كل إجبار على العطاء دون الأخذ أو العكس.
إن التبادل من أهم آليات تشكل البنيات نتيجة مشاركة بنيتين أو أكثر في الأخذ والعطاء، فالتبادل هو الذي ينشئ التجاذب وبالتالي الترابط ضمن بنية واحدة . أن ما معي يجذبك لكي تأخذه وتضمه إليك وكذلك ما هو معك يجذبني لكي أخذه وهذا ينشئ قوى تؤدي إلى إجراء التبادل، وبعد إجراء التبادل ينتفي التجاذب إلا إذا كانت هناك قوى لتبادل جديد، فتكرار الأخذ والعطاء لا بد منه لاستمرار التجاذب.
و لا يقتصر التبادل على تبادل الخيرات أو المنافع المادية بل يتعداه إلى تبادل رمزي للأفكار والمعتقدات وأنماط السلوك...
ويمكن القول إن التبادل المادي يتضمن تبادلا رمزيا لأن كل سلعة تكون موضوعا للتبادل تحمل في طياتها علة ومنطق ورؤية صانعها.
· فما هي أسس التبادل؟
· ما العلاقة بين التبادل والمجتمع؟
· لماذا لا يكتفي الإنسان بالتبادل المادي فحسب؟

التبادل خاصية إنسانية صرف
لماذا يتبادل الإنسان و لا تتبادل الحيوانات؟
يقول أدم سميث: (لم نر قط كلبين "يتفاوضان" في أمر اقتسام قطعة عظم. لم نر أبدا أن حيوانا يحاول "إفهام" حيوان مثله، مستخدما صوته أو حركات جسمه، فيقول له: "هذا لي، وهذا لك، سأعطيك مالي مقابل أن تعطيني ما لك...)
ينطلق أدم سميث من هذه الملاحظة المقارنة بين الإنسان والحيوان ليخلص إلى أن التبادل خاصية إنسانية بامتياز، لأن التبادل يستلزم الحوار واللغة والتفاوض والتفكير في الأحجام والقياسات والمعادلات... وكل هذا مرتبط بالفكر والعقل. والحيوانات لا تستطيع مجاراة الإنسان في هذا المجال.
وبما أن التبادل خاصية إنسانية، فإنه لا يتأسس على العاطفة أو الشفقة أو الرحم... بل يتأسس على مبدأ العطاء والأخذ. فكون الإنسان اجتماعيا، يعني الدخول في علاقات مع الآخرين و تبادل المنافع معهم. وإذا ما اعتمد الإنسان فقط على مساعدة الآخرين وعنايتهم به، فإنه لن يضمن إشباع حاجياته باستمرار. لذلك يستحسن أن يقدم الفرد للآخرين خدماته لقاء الحصول على خدماتهم. وبهذه الطريقة يتأسس التبادل على مبدأ الخدمات المتبادلة على أساس إشباع الاحتياجات المتبادلة.
يقول سميث: ("أعطيني ما أحتاجه منك، وسأعطيك أنت ما تحتاجه مني". بهذه الطريقة يتم الحصول على الجزء الأكبر من هذه الخدمات النافعة والضرورية بين الناس).
بيد أن ماركس يرى أن التبادل يتم على أساس مبادلة القيمة الاستعمالية بالقيمة التبادلية للخيرات. فالنجار ليس بحاجة لكل تلك الأبواب التي يخرجها للوجود بعمله. إنه بحاجة إلى خيرات وسلع من نوع آخر. أي أن الأبواب التي يصنعها لا تمثل بالنسبة إليه قيمة استعمالية، بل تمثل قيمة استعمالية عند آخرين (سباك، بقال، موظف...). لذلك يبحث الآخرون عن القيم الاستعمالية للأشياء و يبادلونها بالقيم التبادلية للأشياء التي ينتجونها.
لقد شكل التبادل أساس القيم الإنسانية منذ بداية الحياة الاجتماعية. ف"لكل شيء ثمن وكل شيء يشترى" كما قال نيتشه.

التبادل والروابط الاجتماعية
كيف يعمل التبادل على تأسيس الروابط الاجتماعية؟
يرى كلود ليفي ستراوس أن التبادل أو التواصل داخل كل مجتمع يجري على ثلاثة مستويات:
- مستوى القرابة: من خلال الزواج
- مستوى الاقتصاد: من خلال المبادلات التجارية والنقدية
- مستوى الرموز: من خلال اللغة والآثار الأدبية والفنية
إن الدافع للمبادلة بين البشر هو أن قدرات البشر المختلفة والظروف المختلفة لا تسمح لهم بالحصول على كافة حاجاتهم بسهولة متساوية، (أرسطو، ابن خلدون)، فإنتاج السلع والخدمات، أو توفرها، غير متساو لدى البشر، فالإنسان الذي يسهل عليه الإنتاج الزراعي يمكن أن يصعب عليه الإنتاج الصناعي ، فلكل إنسان قدراته وظروفه التي تؤهله أو تسمح له بإنتاج أو امتلاك سلع أو خدمات دون أخرى، وكذلك الجماعات والدول لكل منها قدراتها وظروفها التي تحدد إنتاجها وامتلاكها للسلع والخدمات، وهذا ما يستدعي الحاجة للمبادلة فيما بينهم. ويجب لكي تجري مبادلة أن تختلف شدة الحاجة إلى السلع أو الخدمات المراد تبادلها ، بالإضافة إلى اختلاف الكم المتوفر منها، فتوفر الهواء أو الماء المتاح للجميع مع أن الجميع بحاجة إليهما لا يستدعي إجراء مبادلة عليهما، وكذلك إذا كان لدي نقود ولديك أيضاً نقود ونحن معاً بحاجة إلى طعام، فلن تجري مبادلة بيننا.
كان التبادل قبل ظهور السوق مجرد إنتاج عائلي وعطاء متبادل وإعادة توزيع. لكن مع تطور الإنسان ظهر السوق بوصفه نظام توزيع وتبادل ونمت معه أنماط التبادل التجاري التي جلبت معها التحضر والأخلاق المهذبة والسلام والوئام حتى بين الشعوب المتباعدة والمتنافرة لاسيما في حوض البحر الأبيض المتوسط. يقول مونتسكيو : "إن الأثر الطبيعي للتجارة هو الوصول إلى السلام. فأمتان تتفاوضان فيما بينهما، هما أمتان ترتبطان برباط متبادل...". لكن الحديث عن التبادل لا يكتمل دون الحديث عن النقود ودورها الأساسي في عملية التبادل.
يرى ماركس أن النقود لعبت دورا حاسما في تاريخ التبادل. لقد كان التبادل يتم بواسطة المقايضة قبل ظهور النقود، أي أن طرفي التبادل يدخلان إلى السوق فيتبادلان سلعتين مختلفتين في نفس الآن. أي أن الأخذ والعطاء يتمان في لحظة واحدة. بيد أنه مع ظهور النقود أصبح من الممكن مبادلة السلعة بمقبلها النقدي، وتأجيل الحصول على المقابل السلعي إلى ما بعد. وهذا ما، مكن حسب تحليلات ماركس، من تجاوز العلاقة: سلعة – نقود – سلعة (البيع من أجل الشراء)وبروز العلاقة: نقود – سلعة – نقود (الشراء من أجل البيع). العلاقة الأخيرة ساهمت في تراكم رأس المال، وظهور نمط الإنتاج الرأسمالي.
التبادل الرمزي: الهبة نموذجا
تستعمل مفردات الهبة والهدية والعطية والصدقة في نفس المعنى لأنها تتضمن كلها معنى العطاء والمنحة. لكنها هذه المفرادات تختلف من حيث الدلالة اللغوية:
· فالهدية هي الشيء الذي يحمله يمنحه الإنسان للغير إكراماً له وإجلالاً. إنها تتضمن معنى المنح والحمل.
· وأما الهبة فهي منح من دون حمل. إنها في الأصل تمليك، ويُقصَد بها تمليكُ الغيرِ المالَ الذي يملكه الواهب على سبيل المعروف والإحسان.
· وأما بالنسبة للعطية: فهي عطاء مع وقف التنفيذ إلى حين وفاة الشخص الذي أعطاها. فالعطية تكون لما بعد الموت.
· وأما الصدقة: فهي منح أو عطاء يبتغي من وراءه صاحبه أجرا معنويا في العالم الآخر.
تمنح الهبة والهدية وحتى العطية نسبيا بغرض كسب القلوب والتعاطف والمودة، أما الصدقة فيبتغى بها تحقيق المكاسب المعنوية في العالم الآخر حسب المعتقدات الدينية.

فما هي وظيفة الهبة في التبادل الرمزي؟

في دراسته لنظام البوتلاتش،و هي دراسة لمارسيل موس عن بعض قبائل الهنود الحمر التي تعيشفي الجزء الشمالي الغربي من أمريكا، وهذه القبائل هي : الكيوكتيل، الهايدا،والتسمشيان، لاحظ أن النظام الاجتماعي يرتكز في أساسه على أن يقوم الشخص من ذوي المكانة والمركز الاجتماعي في هذه القبائل بتوزيع نوع معين من الأغطية الصوفية على الضيوففي حفل رسمي كبير. وبعد فترة من الزمن يرد الضيوف هذه الأغطية في حفل رسمي كبيرأيضاً بعد إضافة أعداد أخرى كبيرة منها قد تصل إلى أضعاف ما أخذوه منه في الأصل .وهذا التبادل الذي يتم بين أفراد المجموعة يصاحبه دائماً بعض الطقوسوالشعائر. وفي هذه المجتمعات تتضمن الهبات نوعا من الإلزام حيث يتوجب علىالموهوب له أن يرد الهبة وبأحسن منها. والامتناع عن القيام بهذا السلوك قد يزعزعالمركز الاجتماعي للشخص ويقلل من هيبته ومكانته.
فهذه الطقوس تعمل على حفظحقوق أطراف العلاقة في الأخذ والرد ولذلك فإنها تحقق الاستقرار وتدعم أواصرالعلاقات داخل مجتمع القبيلة. بالإضافة إلى أن هذا النظام الشعائري يهدف إلى اكتساب المزيد من الشرف والسمعة الطيبة وذيوع الصيت عن طريق المنح والإعطاء والمبالغة فيالرد والدليل على ذلك أن الشخص كثيراً ما يلجأ إلى إحراق هذه الأغطية ذات القيمةالاجتماعية العالية وأحياناً أخرى قد يحرق بعض ممتلكاته ليدلل على استهانتهبالأشياء المادية ويدعو غيره من الأشخاص الذين يحضرون حفل البوتلاتش إلى مجاراته فيأعماله .كلما أحرق أو أتلف الشخص هذه السلع المادية كلما ارتفعت مكانتهفي المجتمع. وهذا هو نسق العطية.
أن نظام البوتلاتش يساعد على إشباع الحاجة التي يشعر بها الشخص للحصول علىالمزيد من السمعة وذيوع الصيت. فهو نظام شعائري تدخل فيه الكثيرمن الطقوسالتي ترتبط فيها الأنظمة الاقتصادية في المجتمعات البسيطة ارتباطاوثيقا بالأنظمة الاجتماعية.إن تبادل الهدايا في البوتلاتش يتم بشكلإرادي على الرغم من وجود صفة الإلزامية فيه، وإن عمليات التبادل لاتخلو من أبعاد اقتصادية تتمثل في وجود مفهوم القيمة في هذه التبادلاتالتي تتم بهدف الحصول على المكانة الاجتماعية والهيبة أكثر منالحصول على السلع المادي.ةإن الطقوس والشعائر التي تمارس فيالبوتلاتش تحافظ على الاستقرار الاجتماعي لأنها تنظم قضية الأخذ والرد وتدعم أواصرالعلاقات بين القبائل في الوقت الذي تحتل العلاقة بين السلع منزلة ثانوية بالنسبةللعلاقة بين الأشخاص.
أما مالينوفسكي، في دراسته لنظام تبادل الكولا الذي يمارس في جزر التروبرياند في المحيط الهادي وفي بعض جزر واستراليا، فقد لاحظ أن الكولا نظام شعائري تتبعه بعض القبائل التي تعيش في منطقة جزرواحدة وتنتشر على شكل حلقة وتكون دائرة مغلقة للتبادل. وفي نطاق هذه الدائرة يتبادلونمجموعتين من السلع. مجموعة السولافا "المحار" ومجموعة الموالي


Read more...

تقديم:

يتلخص مبدأ التبادل إعطاء شيء مقابل شيء آخر قد يكون مكافئا أو غير مكافئ له، فهو إذن عطاء وأخذ أو أخذ وعطاء، وليس هناك تبادل بالعطاء فقط أو بالأخذ فقط، فالسرقة والسلب ليسا تبادلاً فهما أخذ فقط، وكذلك التبرع والتصدق وتقديم المساعدة ... وينطبق الأمر كذلك على كل إجبار على العطاء دون الأخذ أو العكس.
إن التبادل من أهم آليات تشكل البنيات نتيجة مشاركة بنيتين أو أكثر في الأخذ والعطاء، فالتبادل هو الذي ينشئ التجاذب وبالتالي الترابط ضمن بنية واحدة . أن ما معي يجذبك لكي تأخذه وتضمه إليك وكذلك ما هو معك يجذبني لكي أخذه وهذا ينشئ قوى تؤدي إلى إجراء التبادل، وبعد إجراء التبادل ينتفي التجاذب إلا إذا كانت هناك قوى لتبادل جديد، فتكرار الأخذ والعطاء لا بد منه لاستمرار التجاذب.
و لا يقتصر التبادل على تبادل الخيرات أو المنافع المادية بل يتعداه إلى تبادل رمزي للأفكار والمعتقدات وأنماط السلوك...
ويمكن القول إن التبادل المادي يتضمن تبادلا رمزيا لأن كل سلعة تكون موضوعا للتبادل تحمل في طياتها علة ومنطق ورؤية صانعها.
· فما هي أسس التبادل؟
· ما العلاقة بين التبادل والمجتمع؟
· لماذا لا يكتفي الإنسان بالتبادل المادي فحسب؟

التبادل خاصية إنسانية صرف
لماذا يتبادل الإنسان و لا تتبادل الحيوانات؟
يقول أدم سميث: (لم نر قط كلبين "يتفاوضان" في أمر اقتسام قطعة عظم. لم نر أبدا أن حيوانا يحاول "إفهام" حيوان مثله، مستخدما صوته أو حركات جسمه، فيقول له: "هذا لي، وهذا لك، سأعطيك مالي مقابل أن تعطيني ما لك...)
ينطلق أدم سميث من هذه الملاحظة المقارنة بين الإنسان والحيوان ليخلص إلى أن التبادل خاصية إنسانية بامتياز، لأن التبادل يستلزم الحوار واللغة والتفاوض والتفكير في الأحجام والقياسات والمعادلات... وكل هذا مرتبط بالفكر والعقل. والحيوانات لا تستطيع مجاراة الإنسان في هذا المجال.
وبما أن التبادل خاصية إنسانية، فإنه لا يتأسس على العاطفة أو الشفقة أو الرحم... بل يتأسس على مبدأ العطاء والأخذ. فكون الإنسان اجتماعيا، يعني الدخول في علاقات مع الآخرين و تبادل المنافع معهم. وإذا ما اعتمد الإنسان فقط على مساعدة الآخرين وعنايتهم به، فإنه لن يضمن إشباع حاجياته باستمرار. لذلك يستحسن أن يقدم الفرد للآخرين خدماته لقاء الحصول على خدماتهم. وبهذه الطريقة يتأسس التبادل على مبدأ الخدمات المتبادلة على أساس إشباع الاحتياجات المتبادلة.
يقول سميث: ("أعطيني ما أحتاجه منك، وسأعطيك أنت ما تحتاجه مني". بهذه الطريقة يتم الحصول على الجزء الأكبر من هذه الخدمات النافعة والضرورية بين الناس).
بيد أن ماركس يرى أن التبادل يتم على أساس مبادلة القيمة الاستعمالية بالقيمة التبادلية للخيرات. فالنجار ليس بحاجة لكل تلك الأبواب التي يخرجها للوجود بعمله. إنه بحاجة إلى خيرات وسلع من نوع آخر. أي أن الأبواب التي يصنعها لا تمثل بالنسبة إليه قيمة استعمالية، بل تمثل قيمة استعمالية عند آخرين (سباك، بقال، موظف...). لذلك يبحث الآخرون عن القيم الاستعمالية للأشياء و يبادلونها بالقيم التبادلية للأشياء التي ينتجونها.
لقد شكل التبادل أساس القيم الإنسانية منذ بداية الحياة الاجتماعية. ف"لكل شيء ثمن وكل شيء يشترى" كما قال نيتشه.

التبادل والروابط الاجتماعية
كيف يعمل التبادل على تأسيس الروابط الاجتماعية؟
يرى كلود ليفي ستراوس أن التبادل أو التواصل داخل كل مجتمع يجري على ثلاثة مستويات:
- مستوى القرابة: من خلال الزواج
- مستوى الاقتصاد: من خلال المبادلات التجارية والنقدية
- مستوى الرموز: من خلال اللغة والآثار الأدبية والفنية
إن الدافع للمبادلة بين البشر هو أن قدرات البشر المختلفة والظروف المختلفة لا تسمح لهم بالحصول على كافة حاجاتهم بسهولة متساوية، (أرسطو، ابن خلدون)، فإنتاج السلع والخدمات، أو توفرها، غير متساو لدى البشر، فالإنسان الذي يسهل عليه الإنتاج الزراعي يمكن أن يصعب عليه الإنتاج الصناعي ، فلكل إنسان قدراته وظروفه التي تؤهله أو تسمح له بإنتاج أو امتلاك سلع أو خدمات دون أخرى، وكذلك الجماعات والدول لكل منها قدراتها وظروفها التي تحدد إنتاجها وامتلاكها للسلع والخدمات، وهذا ما يستدعي الحاجة للمبادلة فيما بينهم. ويجب لكي تجري مبادلة أن تختلف شدة الحاجة إلى السلع أو الخدمات المراد تبادلها ، بالإضافة إلى اختلاف الكم المتوفر منها، فتوفر الهواء أو الماء المتاح للجميع مع أن الجميع بحاجة إليهما لا يستدعي إجراء مبادلة عليهما، وكذلك إذا كان لدي نقود ولديك أيضاً نقود ونحن معاً بحاجة إلى طعام، فلن تجري مبادلة بيننا.
كان التبادل قبل ظهور السوق مجرد إنتاج عائلي وعطاء متبادل وإعادة توزيع. لكن مع تطور الإنسان ظهر السوق بوصفه نظام توزيع وتبادل ونمت معه أنماط التبادل التجاري التي جلبت معها التحضر والأخلاق المهذبة والسلام والوئام حتى بين الشعوب المتباعدة والمتنافرة لاسيما في حوض البحر الأبيض المتوسط. يقول مونتسكيو : "إن الأثر الطبيعي للتجارة هو الوصول إلى السلام. فأمتان تتفاوضان فيما بينهما، هما أمتان ترتبطان برباط متبادل...". لكن الحديث عن التبادل لا يكتمل دون الحديث عن النقود ودورها الأساسي في عملية التبادل.
يرى ماركس أن النقود لعبت دورا حاسما في تاريخ التبادل. لقد كان التبادل يتم بواسطة المقايضة قبل ظهور النقود، أي أن طرفي التبادل يدخلان إلى السوق فيتبادلان سلعتين مختلفتين في نفس الآن. أي أن الأخذ والعطاء يتمان في لحظة واحدة. بيد أنه مع ظهور النقود أصبح من الممكن مبادلة السلعة بمقبلها النقدي، وتأجيل الحصول على المقابل السلعي إلى ما بعد. وهذا ما، مكن حسب تحليلات ماركس، من تجاوز العلاقة: سلعة – نقود – سلعة (البيع من أجل الشراء)وبروز العلاقة: نقود – سلعة – نقود (الشراء من أجل البيع). العلاقة الأخيرة ساهمت في تراكم رأس المال، وظهور نمط الإنتاج الرأسمالي.
التبادل الرمزي: الهبة نموذجا
تستعمل مفردات الهبة والهدية والعطية والصدقة في نفس المعنى لأنها تتضمن كلها معنى العطاء والمنحة. لكنها هذه المفرادات تختلف من حيث الدلالة اللغوية:
· فالهدية هي الشيء الذي يحمله يمنحه الإنسان للغير إكراماً له وإجلالاً. إنها تتضمن معنى المنح والحمل.
· وأما الهبة فهي منح من دون حمل. إنها في الأصل تمليك، ويُقصَد بها تمليكُ الغيرِ المالَ الذي يملكه الواهب على سبيل المعروف والإحسان.
· وأما بالنسبة للعطية: فهي عطاء مع وقف التنفيذ إلى حين وفاة الشخص الذي أعطاها. فالعطية تكون لما بعد الموت.
· وأما الصدقة: فهي منح أو عطاء يبتغي من وراءه صاحبه أجرا معنويا في العالم الآخر.
تمنح الهبة والهدية وحتى العطية نسبيا بغرض كسب القلوب والتعاطف والمودة، أما الصدقة فيبتغى بها تحقيق المكاسب المعنوية في العالم الآخر حسب المعتقدات الدينية.

فما هي وظيفة الهبة في التبادل الرمزي؟

في دراسته لنظام البوتلاتش،و هي دراسة لمارسيل موس عن بعض قبائل الهنود الحمر التي تعيشفي الجزء الشمالي الغربي من أمريكا، وهذه القبائل هي : الكيوكتيل، الهايدا،والتسمشيان، لاحظ أن النظام الاجتماعي يرتكز في أساسه على أن يقوم الشخص من ذوي المكانة والمركز الاجتماعي في هذه القبائل بتوزيع نوع معين من الأغطية الصوفية على الضيوففي حفل رسمي كبير. وبعد فترة من الزمن يرد الضيوف هذه الأغطية في حفل رسمي كبيرأيضاً بعد إضافة أعداد أخرى كبيرة منها قد تصل إلى أضعاف ما أخذوه منه في الأصل .وهذا التبادل الذي يتم بين أفراد المجموعة يصاحبه دائماً بعض الطقوسوالشعائر. وفي هذه المجتمعات تتضمن الهبات نوعا من الإلزام حيث يتوجب علىالموهوب له أن يرد الهبة وبأحسن منها. والامتناع عن القيام بهذا السلوك قد يزعزعالمركز الاجتماعي للشخص ويقلل من هيبته ومكانته.
فهذه الطقوس تعمل على حفظحقوق أطراف العلاقة في الأخذ والرد ولذلك فإنها تحقق الاستقرار وتدعم أواصرالعلاقات داخل مجتمع القبيلة. بالإضافة إلى أن هذا النظام الشعائري يهدف إلى اكتساب المزيد من الشرف والسمعة الطيبة وذيوع الصيت عن طريق المنح والإعطاء والمبالغة فيالرد والدليل على ذلك أن الشخص كثيراً ما يلجأ إلى إحراق هذه الأغطية ذات القيمةالاجتماعية العالية وأحياناً أخرى قد يحرق بعض ممتلكاته ليدلل على استهانتهبالأشياء المادية ويدعو غيره من الأشخاص الذين يحضرون حفل البوتلاتش إلى مجاراته فيأعماله .كلما أحرق أو أتلف الشخص هذه السلع المادية كلما ارتفعت مكانتهفي المجتمع. وهذا هو نسق العطية.
أن نظام البوتلاتش يساعد على إشباع الحاجة التي يشعر بها الشخص للحصول علىالمزيد من السمعة وذيوع الصيت. فهو نظام شعائري تدخل فيه الكثيرمن الطقوسالتي ترتبط فيها الأنظمة الاقتصادية في المجتمعات البسيطة ارتباطاوثيقا بالأنظمة الاجتماعية.إن تبادل الهدايا في البوتلاتش يتم بشكلإرادي على الرغم من وجود صفة الإلزامية فيه، وإن عمليات التبادل لاتخلو من أبعاد اقتصادية تتمثل في وجود مفهوم القيمة في هذه التبادلاتالتي تتم بهدف الحصول على المكانة الاجتماعية والهيبة أكثر منالحصول على السلع المادي.ةإن الطقوس والشعائر التي تمارس فيالبوتلاتش تحافظ على الاستقرار الاجتماعي لأنها تنظم قضية الأخذ والرد وتدعم أواصرالعلاقات بين القبائل في الوقت الذي تحتل العلاقة بين السلع منزلة ثانوية بالنسبةللعلاقة بين الأشخاص.
أما مالينوفسكي، في دراسته لنظام تبادل الكولا الذي يمارس في جزر التروبرياند في المحيط الهادي وفي بعض جزر واستراليا، فقد لاحظ أن الكولا نظام شعائري تتبعه بعض القبائل التي تعيش في منطقة جزرواحدة وتنتشر على شكل حلقة وتكون دائرة مغلقة للتبادل. وفي نطاق هذه الدائرة يتبادلونمجموعتين من السلع. مجموعة السولافا "المحار" ومجموعة الموالي

مفهوم الرغبة

) مدخل إشكالي:

كثيرا ما اعتبرت الرغبة مشكلة في الفلسفة الكلاسيكية وذلك لأن طبيعتها متناقضة، أو أنها في جميع الأحوال ملتبسة والواقع أن الرغبة بحث عن موضع نعرف أو نتصور أنه مصدر إشباع، ومن تم فهي تكون مصحوبة بالعناء أو بإحساس الفقد والحرمان. ومع ذلك تبدو الرغبة كما لو أنها ترفض إشباعها مادام أنها بالكاد تشبع، وتستعجل ميلادها من جديد. إنها تعقد وتبقى على علاقة غامضة مع موضوعها: فالرغبة تريد أن تشبع ولا تريد.

وبانتقالها من موضع إلى موضوع تكون الرغبة غير محدودة أو أنها مضطرة إلى نوع من اللاإشباع جذري وهذا دون شك هو ما جعل تقليدا فلسفيا يدينها أو يرفضها غير أن الفلسفة المعاصرة ستعاود إعطاء الرغبة مكانة تامة، وستنيطها بقيمة إيجابية. فمن حيث إن الرغبة قوة إثبات، فإنها ستعبر عن ماهية الإنسان ذاته، إذ أنها مصدر إبداع لذاته ولأعماله.

هكذا يمكن أن نخلص إلى جملة من المفارقات التي تكشف عن هذا البعد الإشكالي لمفهوم الرغبة:

واعية # لا واعية إشباع # لا إشباع

رغبة# حاجة رغبة # لا إرادة

محدودة# لا محدودة واحدة# متعددة

متناهية# لا متناهية سعادة# شقاء

لذة# ألم ثبات# تغير

إثبات # نفي

تأسيا على هذه المفارقات يمكن صياغة الإشال الآتي:

ما طبيعة الرغبة؟ وكيف تتحدد علاقتها بالحاجة؟

وهل يمكن للحاجة أن تتحول إلى رغبة؟ وإذا كانت الرغبة ميلا حول موضوع يكون مصدر إشباع، فهل هو ميل واعي إرادي أم لا؟ هل يمكن للإنسان أن يعي رغباته؟ وإلى أي حد يمكن الوعي بالرغبة؟ وهل إشباع الرغبة يحقق السعادة أم الشقاء؟ وإلى أي مدى تتوقف سعادة الإنسان على إشباع الرغبات؟

II ) الرغبة والحاجة:

هدف المحور: أن تتعرف على علاقة الرغبة والحاجة، وكيفية تحول الحاجة إلى رغبة لا شعورية.

سؤاله الإشكالي: ما طبيعة الرغبة؟ وكيف يمكن أن تتحول الحاجة إلى رغبة لا شعورية؟. وهل العلاقة بين الرغبة والحاجة علاقة اتصال أم انفصال؟

تحليل نص ص 30 ل ميلاني كلاين

صاحبة النص: (1882-1960) محللة نفسانية نمساوية متخصصة في علم نفس الطفل من أعمالها " علم نفس الطفل"

إشكال النص: كيف تتحدد علاقة الرغبة والحاجة؟ وهل يمكن أن تتحول الحالة الطبيعية الجسدية إلى رغبة نفسية لا شعورية ؟ وما أثر ذلك في تكوين شخصية الطفل مستقبلا.

أطروحته: تحول الحاجة إلى رغبة نفسية لا شعورية، وأثر التوتر بين الرغبة وإشباعها في تكوين شخصية الفرد مستقبلا.

العناصر الحجاجية: تبيانها أن علاقة الرضيع بأمه لا تقتصر على إشباع الحاجة إلى الطعام بل تتعداها إلى رغبة التخلص من الدوافع التدميرية مستندة على واقعة علمية لدراسة الراشدين الراغبين في أم حامية حاضنة.

- مقارنتها بين طريقتين من الإرضاع ( إحداها تلتزم بالمواعيد المحددة للإرضاع والأخرى مفتوحة ومرتهنة إلى رغبات الطفل، لتبرز أنه في الطريقتين معالا يتمكن الطفل من تلبية رغباته أو تحقيقها،

- استنادها على الواقع ( واقع الراشدين) لتؤكد على أن على أن الإحباط غير المبالغ فيه الرغبات الطفل يمكنه من التكيف السليم مع العالم الخارجي وتطور مفهوم الواقع لديه، بل إن من شأن الرغبات غير المشبهة ( المكبوتة) أو أن تفتح الطريق التصعيد ومت تم القدرة على الإبداع.

- تأكيدها على أن غياب الصراع أو التوثر بين الرغبة وإشباعها سيمنع الفرد من تكوين شخصيته وإغنائها وتأكيد أناه من منطلق أن ذلك الصراع قد يشكل أساس الفعل الإبداعي لديه.

استنتاج:

يتضح أنه نتيجة لنوعية العلاقة بين الحاجة والرغبة، وما يطبع هذه العلاقة من توثر وصراع ضمن فعل الإشباع يتحدد تكوين الشخصية وقدراتها الإبداعية في المستقبل. فيتضح كيف أن العلاقة بين الحاجة والرغبة تأخذ طابعا نفسيا لا شعوريا فإذا كانت الحاجة مرتبطة بإثارة فيزيولوجية تتميز بالضرورة ، ألا يمكن لهذه الحاجة أن تتحول أيضا إلى رغبة ثقافية أو أنها تخضع للبعد الثقافي في الإنسان.

II) الحاجة ولارغبة

( استثمار النص: الف لينتون ص 31)

اللباس

حاجة بيولوجية الحماية وظيفة ثقافية

من القر والحر الحصول على منزلة اجتماعية

نشاط الجنس نشاط الثقافة

الإثارة معتقدات الحشمة أو الحياء ميولات جمالية ( الحصول على الإعجاب)

تحريك رغبات جنسية كبت الشهوات

إشكالية النص: كيف تتحول الحاجة البيولوجية إلى رغبة ثقافية؟ ( قبل الخطاطة)

أطروحة النص: تتأثر الحاجة بالثقافة وتخضع لتوجيهها.

استنتاج:

إذا كان الإنسان كائنا ذا وجود مزدوج طبيعي وثقافي فإن من شأن حاجاته البيولوجية المرتبطة بخصائصه الجسمانية أن تتحول إلى رغبات ثقافية وتخضع لتوجيه البعد الثقافي والاجتماعي للإنسان.

خلاصة للمحور:

يأكد من خلال هذا المحور أن هناك علاقة اتصال بين الحاجة والرغبة. لكن هل يمكن تصور حدود فاصلة بينهما؟ الواقع أن الحاجة عبارة عن إثارة فيزيولوجية مرتبطة بطبيعة الذات، وبهذا المعنى فهي تتعارض مع مفهوم الرغبة التابع لإرادة الذات، ويعبر نتيجة لذلك عن عرض إلا أن نقد ضرورة الحاجة في مقابل عرضية الرغبة سيؤدي إلى إعادة النظر في الحدود الفاصلة بين المفهومين فإذا استثنيا بعض الحاجات الأساسية المرتبطة بطبيعة الكائن الحي، فإنه بالإمكان القول أن كل حاجة لدى الإنسان هي رغبة من الناحية العملية، ليتضح أن التمييز بين هذين المفهومين لا يمكن تصوره سوى على المستوى النظري خاصة مع إمكانية تحول الحاجة إلى رغبة نفسية لا شعورية أو إلى رغبة ثقافية.

إذا كانت الرغبة ميلا واعيا نحو موضوع يحقق الإشباع ، فكيف تتحدد علاقة الرغبة مع الإرادة؟

وهل بمقدور الإنسان أن يحصل الوعي برغبات؟

III) الرغبة والإرادة:

هدف المحور: التعرف على طبيعة العلاقة بين الرغبة والإرادة؟

سؤاله الإشكالي: ما طبيعة العلاقة بين الرغبة والإرادة وهل بمقدور الإنسان أن يحصل الوعي برغباته؟

تحليل النص: سيفوز ا( باروخ ) ص: 35

صاحب النص: فيلسوف هولندي (1632-1677)من مؤلفاته ( الأخلاق ورسالة الاهوت والأخلاق.

إشكال النص: إذا كان الإنسان ذات واعية فإلى أي حد يعي رغباته؟ وما علاقة الرغبة بالوعي والإرادة؟

أطروحة النص: يعي الإنسان رغباته التي تحفظ وجوده لكنه يجهل كلها.

العناصر الحجاجية: - إبراز صاحب النص للجهد الذي تبذله النفس من أجل استمرار بقائها.

- يقدم تعريفا للرغبة باعتبارها شهوة مصحوبة بوعي ذاتها.

- إيضاحه أن المرغوب فيه أو المشتهي لا يمكن إلا أن يكون طيبا ما دام أنه مشتهى ومرغوب فيه.

- يقدم مثلا ( السكن) ليؤكد أن الإنسان قد يعي رغباته ، لكنه يجهل عللها.

عموما فلأنه يعي رفاته ولعل هذا هو السبب في تعريف الرغبة بكونها شهوة واعية بذاتها ليتسنى بذلك للفيلسوف قلب التصور التقليدي للرغبة بقوله أننا لا نرغب في شيء لأننا نعتقد أنه جيد بل هو جيد لأنه مرغوب ومشتهي إلا أن الإنسان وهو يعي رغباته فهذا لا يعني علمه بعلل وأسباب هاته الرغبات لأن الرغبة لا تقتصر على قوانين العقل البشري بل تتعداها إلى قوانين النظام الطبيعي الأزلي برميه . فليس الإنسان سوى جزء ضئيل من هذا النظام ولا تكون معرفته إلا معرفة جزئية يمكنها من معرفة غايات الأمور.

لكن خلاف هذا التصور الذي يربط الرغبة بالوعي والإرادة ، ستبلور مدرسة التحليل النفسي تصورا يعتبر أن الرغبة إنما يقترن وجودها بوجود اللاشعور وأنها تنفلت من سلطة الذات ووعيها وإرادتها فإذا كانت الرغبة بمغابة لذة أو استمتاع جسدي، فإن ذلك يتحقق بكيفية استهامية ترتد إلى التوترات والأشياء المكبوتة خلال المرحلة الطفولية المبكرة وهكذا فإن المحدد الرئيس للرغبة هو الجانب اللاوعي.

غير أن هذا الموقف قد يجعل موضوع إشباع الرغبة موضوعا خياليا يبدو كما لو أنه خارج التاريخ، فهل في ذلك ما يبرر أن هذا الموضوع غير واقعي؟

موقف التحليل النفسي

موقف الفكر الفلسفي المعاصر ( دولوز)

- موضوع الرغبة هو موضع استيهامي غير واقعي ويتحدد بالغياب

- إنتاج الرغبة هو إنتاج استيهامي

- تعويض الموضوع الواقعي للرغبة بموضوع خيالي

- علاقة الرغبة بموضوعها هي

- موضوع الرغبة هو موضوع واقعي يتحدد بالحضور

- إنتاج الرغبة هو إنتاج واقعي لموضوع يتماهى معها فلد الرغبة وموضوعها يكونان شيئا واحدا.

- الحاجات هي التي تستند إلى الرغبة وليس العكس

- ارتباط الرغبة بالحقل الاجتماعي وتماهيها


معه فإنتاجها . هو إنتاج فعلي تاريخي مرتبط بالمجتمع

بهذا المعنى السيكولوجي لا تنتج سوى الإسهامات، وأن موضوع إشباعها إنما هو موضوع تخيلي قد يعوض الموضوع الواقعي وذلك خارج وعي الذات وإرادتها. من هنا يرفض دولوز هذا التأويل ليؤكد على البعد الواقعي والتاريخي للرغبة، فهي متماهية مع موضوعها بل إن وجودها الفعلي هو الواقع ذاته. الواقع الاجتماعي الذي يشكل منشأ الرغبة ومجال فاعليتها وصراعها." فيقترب دولوز بذلك من الطابع الإثباتي والإيجابي للرغبة عند سبينوزا"

III) الرغبة والسعادة:

هذه المحورة : أن نتعرف عن وجه ارتباط الرغبة بالسعادة

سؤاله الإشكالي: ما وجه ارتباط الرغبة بالسعادة وإلى أي حد يؤدي إرضاء الرغبات إلى تحقيق السعادة؟

وهل الرغبة واحدة أم متعددة؟

تصور ديكارت: تحليل نص ص 38

إشكال النص: هل الرغبة واحدة أم متعددة؟ وما طبيعة اعتبار هذه أعلى الرغبات وأسماها؟

أطروحته: إن الرغبات متعددة بحسب موضوعاتها واعتبار رغبة الحب المتولدة عن الإحساس بالبهجة أقواها وأسماها.

العناصر الحجاجية: بيان صاحب النص أن الرغبة متعددة ومتنوعة بحسب تعدد موضوعاتها معتبرا أن أقوى الرغبات هي تلك المتولدة عن البهجة أو النفور.

- تساؤله عن الرغبة المتولدة عن البهجة باعتبارها أعظم خير مبرزا تغاير البهجات من خلال تقديمه لأمثلة ليعتبر أن البهجة الرئيسية هي المتأتية من الكمالات نعتقدها في شخص ما قد يصبح ذاتنا الأخرى.

- إسناده على الواقع، واقع الميل إلى شخص ما لديه ما يولد الإحساس بالبهجة ليعتبر هذا الإحساس هو المسمى بالحب.

استنتاج:

نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة، فإذ يقر بتعدد الرغبات وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها فإنه يفاضل بينها، ليضع الرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات هذه المتمثلة في الميل نحو شخص نعتقد فيه صفات الكمال الذي بإمكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى، والواقع هذا الميل هو الذي يعكس رغبة الحب.

- لكن هل هذه البهجة أو السعادة تتعلق أساسا بالرغبات الحسية الجسمانية، ومن ثم إلى أي حد تتوقف السعادة على تلبية الشهوات الحسية؟ ألا يمكن أن يؤدي تحقيق الملذات المادية إلى الشقاء بدل السعادة؟

- الواقع أن هناك موقفا فلسفيا كان قد تبلور منذ الفلاسفة الإغريق.

هذا الموقف الذي يعتبر أن الرغبات المرتبطة بالجسد لا يمكنها إلا أن تضع الإنسان في الدرك الأسفل من الحيوانية كتحقيق هذه الرغبات يجعل النفس أسيرة للشهوات ولذلك لا يمكن أن يتحصل الكمال أو السعادة بتحصيل اللذات الجسمانية لأن من شأن ذلك أن يجعل الإنسان أسير أهواءه وشهواته، والحال أن الرغبات لا ينبغي أن تكون مجرد انفعال بل فضيلة أخلاقية تترجم العيش وفق أوامر العقل والأفكار المطابقة على حد تعبير سيبنوزا. فالسعادة تكمل في العيش وفق العقل الذي يجنب من اضطراب الانفعالات ويمكن من تحصيل المعرفة من الدرجة حيث يرى من يعيش وفقها أن كل حدث أو كل شيء إنما هو نابع من الطبيعة الإلاهية أو الضرورة الطبيعية فهو يعرف كل شيء ضمن تفرده وكليته في الوقت نفسه.

المفاهيم:

الإعلاء Sublimation أو التصعيد هو مفهوم مرتبط بالتحليل النفسي يشير إلى تحويل ميولات وغوائر دنيا.

الطاقة الجنسية libido.

إلى مشاعر سامية وراقية، مثلا يمكن أن تصعد الميولات الجنسية الجمالية أو الدينية.

العلة: هي قوة مولدة لمفعول force qui produid un effort ويمكن التميير بين أربعة علل.

علة مادية : ما منه يكون الشيء

علة الصورية: ما به يكون الشيء

على لفاعله: ما عنه يكون الشيء العلة الغائية: ما لأجله يكون الشيء.

المصطلحات:

الليبدو: هي طاقة حيوية تسعى إلى الإشباع أو اللذة وهي ترتبط عند فرويد بالاندفاع الجنسي.

الحب: هو حركة القلب التي تقودنا نحو موجود ما أو موضوع أو قيمة كونية ويميز أفلاطون في محاوره المأدبة le banquet بين درجات مختلفة للحب، كالحب الذي يتعلق بفرد تتعين والحب المتعلق بفكرة عامة والذي يتعلق بنور الحقيقة.


Read more...

) مدخل إشكالي:

كثيرا ما اعتبرت الرغبة مشكلة في الفلسفة الكلاسيكية وذلك لأن طبيعتها متناقضة، أو أنها في جميع الأحوال ملتبسة والواقع أن الرغبة بحث عن موضع نعرف أو نتصور أنه مصدر إشباع، ومن تم فهي تكون مصحوبة بالعناء أو بإحساس الفقد والحرمان. ومع ذلك تبدو الرغبة كما لو أنها ترفض إشباعها مادام أنها بالكاد تشبع، وتستعجل ميلادها من جديد. إنها تعقد وتبقى على علاقة غامضة مع موضوعها: فالرغبة تريد أن تشبع ولا تريد.

وبانتقالها من موضع إلى موضوع تكون الرغبة غير محدودة أو أنها مضطرة إلى نوع من اللاإشباع جذري وهذا دون شك هو ما جعل تقليدا فلسفيا يدينها أو يرفضها غير أن الفلسفة المعاصرة ستعاود إعطاء الرغبة مكانة تامة، وستنيطها بقيمة إيجابية. فمن حيث إن الرغبة قوة إثبات، فإنها ستعبر عن ماهية الإنسان ذاته، إذ أنها مصدر إبداع لذاته ولأعماله.

هكذا يمكن أن نخلص إلى جملة من المفارقات التي تكشف عن هذا البعد الإشكالي لمفهوم الرغبة:

واعية # لا واعية إشباع # لا إشباع

رغبة# حاجة رغبة # لا إرادة

محدودة# لا محدودة واحدة# متعددة

متناهية# لا متناهية سعادة# شقاء

لذة# ألم ثبات# تغير

إثبات # نفي

تأسيا على هذه المفارقات يمكن صياغة الإشال الآتي:

ما طبيعة الرغبة؟ وكيف تتحدد علاقتها بالحاجة؟

وهل يمكن للحاجة أن تتحول إلى رغبة؟ وإذا كانت الرغبة ميلا حول موضوع يكون مصدر إشباع، فهل هو ميل واعي إرادي أم لا؟ هل يمكن للإنسان أن يعي رغباته؟ وإلى أي حد يمكن الوعي بالرغبة؟ وهل إشباع الرغبة يحقق السعادة أم الشقاء؟ وإلى أي مدى تتوقف سعادة الإنسان على إشباع الرغبات؟

II ) الرغبة والحاجة:

هدف المحور: أن تتعرف على علاقة الرغبة والحاجة، وكيفية تحول الحاجة إلى رغبة لا شعورية.

سؤاله الإشكالي: ما طبيعة الرغبة؟ وكيف يمكن أن تتحول الحاجة إلى رغبة لا شعورية؟. وهل العلاقة بين الرغبة والحاجة علاقة اتصال أم انفصال؟

تحليل نص ص 30 ل ميلاني كلاين

صاحبة النص: (1882-1960) محللة نفسانية نمساوية متخصصة في علم نفس الطفل من أعمالها " علم نفس الطفل"

إشكال النص: كيف تتحدد علاقة الرغبة والحاجة؟ وهل يمكن أن تتحول الحالة الطبيعية الجسدية إلى رغبة نفسية لا شعورية ؟ وما أثر ذلك في تكوين شخصية الطفل مستقبلا.

أطروحته: تحول الحاجة إلى رغبة نفسية لا شعورية، وأثر التوتر بين الرغبة وإشباعها في تكوين شخصية الفرد مستقبلا.

العناصر الحجاجية: تبيانها أن علاقة الرضيع بأمه لا تقتصر على إشباع الحاجة إلى الطعام بل تتعداها إلى رغبة التخلص من الدوافع التدميرية مستندة على واقعة علمية لدراسة الراشدين الراغبين في أم حامية حاضنة.

- مقارنتها بين طريقتين من الإرضاع ( إحداها تلتزم بالمواعيد المحددة للإرضاع والأخرى مفتوحة ومرتهنة إلى رغبات الطفل، لتبرز أنه في الطريقتين معالا يتمكن الطفل من تلبية رغباته أو تحقيقها،

- استنادها على الواقع ( واقع الراشدين) لتؤكد على أن على أن الإحباط غير المبالغ فيه الرغبات الطفل يمكنه من التكيف السليم مع العالم الخارجي وتطور مفهوم الواقع لديه، بل إن من شأن الرغبات غير المشبهة ( المكبوتة) أو أن تفتح الطريق التصعيد ومت تم القدرة على الإبداع.

- تأكيدها على أن غياب الصراع أو التوثر بين الرغبة وإشباعها سيمنع الفرد من تكوين شخصيته وإغنائها وتأكيد أناه من منطلق أن ذلك الصراع قد يشكل أساس الفعل الإبداعي لديه.

استنتاج:

يتضح أنه نتيجة لنوعية العلاقة بين الحاجة والرغبة، وما يطبع هذه العلاقة من توثر وصراع ضمن فعل الإشباع يتحدد تكوين الشخصية وقدراتها الإبداعية في المستقبل. فيتضح كيف أن العلاقة بين الحاجة والرغبة تأخذ طابعا نفسيا لا شعوريا فإذا كانت الحاجة مرتبطة بإثارة فيزيولوجية تتميز بالضرورة ، ألا يمكن لهذه الحاجة أن تتحول أيضا إلى رغبة ثقافية أو أنها تخضع للبعد الثقافي في الإنسان.

II) الحاجة ولارغبة

( استثمار النص: الف لينتون ص 31)

اللباس

حاجة بيولوجية الحماية وظيفة ثقافية

من القر والحر الحصول على منزلة اجتماعية

نشاط الجنس نشاط الثقافة

الإثارة معتقدات الحشمة أو الحياء ميولات جمالية ( الحصول على الإعجاب)

تحريك رغبات جنسية كبت الشهوات

إشكالية النص: كيف تتحول الحاجة البيولوجية إلى رغبة ثقافية؟ ( قبل الخطاطة)

أطروحة النص: تتأثر الحاجة بالثقافة وتخضع لتوجيهها.

استنتاج:

إذا كان الإنسان كائنا ذا وجود مزدوج طبيعي وثقافي فإن من شأن حاجاته البيولوجية المرتبطة بخصائصه الجسمانية أن تتحول إلى رغبات ثقافية وتخضع لتوجيه البعد الثقافي والاجتماعي للإنسان.

خلاصة للمحور:

يأكد من خلال هذا المحور أن هناك علاقة اتصال بين الحاجة والرغبة. لكن هل يمكن تصور حدود فاصلة بينهما؟ الواقع أن الحاجة عبارة عن إثارة فيزيولوجية مرتبطة بطبيعة الذات، وبهذا المعنى فهي تتعارض مع مفهوم الرغبة التابع لإرادة الذات، ويعبر نتيجة لذلك عن عرض إلا أن نقد ضرورة الحاجة في مقابل عرضية الرغبة سيؤدي إلى إعادة النظر في الحدود الفاصلة بين المفهومين فإذا استثنيا بعض الحاجات الأساسية المرتبطة بطبيعة الكائن الحي، فإنه بالإمكان القول أن كل حاجة لدى الإنسان هي رغبة من الناحية العملية، ليتضح أن التمييز بين هذين المفهومين لا يمكن تصوره سوى على المستوى النظري خاصة مع إمكانية تحول الحاجة إلى رغبة نفسية لا شعورية أو إلى رغبة ثقافية.

إذا كانت الرغبة ميلا واعيا نحو موضوع يحقق الإشباع ، فكيف تتحدد علاقة الرغبة مع الإرادة؟

وهل بمقدور الإنسان أن يحصل الوعي برغبات؟

III) الرغبة والإرادة:

هدف المحور: التعرف على طبيعة العلاقة بين الرغبة والإرادة؟

سؤاله الإشكالي: ما طبيعة العلاقة بين الرغبة والإرادة وهل بمقدور الإنسان أن يحصل الوعي برغباته؟

تحليل النص: سيفوز ا( باروخ ) ص: 35

صاحب النص: فيلسوف هولندي (1632-1677)من مؤلفاته ( الأخلاق ورسالة الاهوت والأخلاق.

إشكال النص: إذا كان الإنسان ذات واعية فإلى أي حد يعي رغباته؟ وما علاقة الرغبة بالوعي والإرادة؟

أطروحة النص: يعي الإنسان رغباته التي تحفظ وجوده لكنه يجهل كلها.

العناصر الحجاجية: - إبراز صاحب النص للجهد الذي تبذله النفس من أجل استمرار بقائها.

- يقدم تعريفا للرغبة باعتبارها شهوة مصحوبة بوعي ذاتها.

- إيضاحه أن المرغوب فيه أو المشتهي لا يمكن إلا أن يكون طيبا ما دام أنه مشتهى ومرغوب فيه.

- يقدم مثلا ( السكن) ليؤكد أن الإنسان قد يعي رغباته ، لكنه يجهل عللها.

عموما فلأنه يعي رفاته ولعل هذا هو السبب في تعريف الرغبة بكونها شهوة واعية بذاتها ليتسنى بذلك للفيلسوف قلب التصور التقليدي للرغبة بقوله أننا لا نرغب في شيء لأننا نعتقد أنه جيد بل هو جيد لأنه مرغوب ومشتهي إلا أن الإنسان وهو يعي رغباته فهذا لا يعني علمه بعلل وأسباب هاته الرغبات لأن الرغبة لا تقتصر على قوانين العقل البشري بل تتعداها إلى قوانين النظام الطبيعي الأزلي برميه . فليس الإنسان سوى جزء ضئيل من هذا النظام ولا تكون معرفته إلا معرفة جزئية يمكنها من معرفة غايات الأمور.

لكن خلاف هذا التصور الذي يربط الرغبة بالوعي والإرادة ، ستبلور مدرسة التحليل النفسي تصورا يعتبر أن الرغبة إنما يقترن وجودها بوجود اللاشعور وأنها تنفلت من سلطة الذات ووعيها وإرادتها فإذا كانت الرغبة بمغابة لذة أو استمتاع جسدي، فإن ذلك يتحقق بكيفية استهامية ترتد إلى التوترات والأشياء المكبوتة خلال المرحلة الطفولية المبكرة وهكذا فإن المحدد الرئيس للرغبة هو الجانب اللاوعي.

غير أن هذا الموقف قد يجعل موضوع إشباع الرغبة موضوعا خياليا يبدو كما لو أنه خارج التاريخ، فهل في ذلك ما يبرر أن هذا الموضوع غير واقعي؟

موقف التحليل النفسي

موقف الفكر الفلسفي المعاصر ( دولوز)

- موضوع الرغبة هو موضع استيهامي غير واقعي ويتحدد بالغياب

- إنتاج الرغبة هو إنتاج استيهامي

- تعويض الموضوع الواقعي للرغبة بموضوع خيالي

- علاقة الرغبة بموضوعها هي

- موضوع الرغبة هو موضوع واقعي يتحدد بالحضور

- إنتاج الرغبة هو إنتاج واقعي لموضوع يتماهى معها فلد الرغبة وموضوعها يكونان شيئا واحدا.

- الحاجات هي التي تستند إلى الرغبة وليس العكس

- ارتباط الرغبة بالحقل الاجتماعي وتماهيها


معه فإنتاجها . هو إنتاج فعلي تاريخي مرتبط بالمجتمع

بهذا المعنى السيكولوجي لا تنتج سوى الإسهامات، وأن موضوع إشباعها إنما هو موضوع تخيلي قد يعوض الموضوع الواقعي وذلك خارج وعي الذات وإرادتها. من هنا يرفض دولوز هذا التأويل ليؤكد على البعد الواقعي والتاريخي للرغبة، فهي متماهية مع موضوعها بل إن وجودها الفعلي هو الواقع ذاته. الواقع الاجتماعي الذي يشكل منشأ الرغبة ومجال فاعليتها وصراعها." فيقترب دولوز بذلك من الطابع الإثباتي والإيجابي للرغبة عند سبينوزا"

III) الرغبة والسعادة:

هذه المحورة : أن نتعرف عن وجه ارتباط الرغبة بالسعادة

سؤاله الإشكالي: ما وجه ارتباط الرغبة بالسعادة وإلى أي حد يؤدي إرضاء الرغبات إلى تحقيق السعادة؟

وهل الرغبة واحدة أم متعددة؟

تصور ديكارت: تحليل نص ص 38

إشكال النص: هل الرغبة واحدة أم متعددة؟ وما طبيعة اعتبار هذه أعلى الرغبات وأسماها؟

أطروحته: إن الرغبات متعددة بحسب موضوعاتها واعتبار رغبة الحب المتولدة عن الإحساس بالبهجة أقواها وأسماها.

العناصر الحجاجية: بيان صاحب النص أن الرغبة متعددة ومتنوعة بحسب تعدد موضوعاتها معتبرا أن أقوى الرغبات هي تلك المتولدة عن البهجة أو النفور.

- تساؤله عن الرغبة المتولدة عن البهجة باعتبارها أعظم خير مبرزا تغاير البهجات من خلال تقديمه لأمثلة ليعتبر أن البهجة الرئيسية هي المتأتية من الكمالات نعتقدها في شخص ما قد يصبح ذاتنا الأخرى.

- إسناده على الواقع، واقع الميل إلى شخص ما لديه ما يولد الإحساس بالبهجة ليعتبر هذا الإحساس هو المسمى بالحب.

استنتاج:

نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة، فإذ يقر بتعدد الرغبات وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها فإنه يفاضل بينها، ليضع الرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات هذه المتمثلة في الميل نحو شخص نعتقد فيه صفات الكمال الذي بإمكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى، والواقع هذا الميل هو الذي يعكس رغبة الحب.

- لكن هل هذه البهجة أو السعادة تتعلق أساسا بالرغبات الحسية الجسمانية، ومن ثم إلى أي حد تتوقف السعادة على تلبية الشهوات الحسية؟ ألا يمكن أن يؤدي تحقيق الملذات المادية إلى الشقاء بدل السعادة؟

- الواقع أن هناك موقفا فلسفيا كان قد تبلور منذ الفلاسفة الإغريق.

هذا الموقف الذي يعتبر أن الرغبات المرتبطة بالجسد لا يمكنها إلا أن تضع الإنسان في الدرك الأسفل من الحيوانية كتحقيق هذه الرغبات يجعل النفس أسيرة للشهوات ولذلك لا يمكن أن يتحصل الكمال أو السعادة بتحصيل اللذات الجسمانية لأن من شأن ذلك أن يجعل الإنسان أسير أهواءه وشهواته، والحال أن الرغبات لا ينبغي أن تكون مجرد انفعال بل فضيلة أخلاقية تترجم العيش وفق أوامر العقل والأفكار المطابقة على حد تعبير سيبنوزا. فالسعادة تكمل في العيش وفق العقل الذي يجنب من اضطراب الانفعالات ويمكن من تحصيل المعرفة من الدرجة حيث يرى من يعيش وفقها أن كل حدث أو كل شيء إنما هو نابع من الطبيعة الإلاهية أو الضرورة الطبيعية فهو يعرف كل شيء ضمن تفرده وكليته في الوقت نفسه.

المفاهيم:

الإعلاء Sublimation أو التصعيد هو مفهوم مرتبط بالتحليل النفسي يشير إلى تحويل ميولات وغوائر دنيا.

الطاقة الجنسية libido.

إلى مشاعر سامية وراقية، مثلا يمكن أن تصعد الميولات الجنسية الجمالية أو الدينية.

العلة: هي قوة مولدة لمفعول force qui produid un effort ويمكن التميير بين أربعة علل.

علة مادية : ما منه يكون الشيء

علة الصورية: ما به يكون الشيء

على لفاعله: ما عنه يكون الشيء العلة الغائية: ما لأجله يكون الشيء.

المصطلحات:

الليبدو: هي طاقة حيوية تسعى إلى الإشباع أو اللذة وهي ترتبط عند فرويد بالاندفاع الجنسي.

الحب: هو حركة القلب التي تقودنا نحو موجود ما أو موضوع أو قيمة كونية ويميز أفلاطون في محاوره المأدبة le banquet بين درجات مختلفة للحب، كالحب الذي يتعلق بفرد تتعين والحب المتعلق بفكرة عامة والذي يتعلق بنور الحقيقة.